السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أود منكم الإجابة عن هذا السؤال قبل المرور الى الموضوع
السؤال هو :
هل الديناصورات من ذوات الدم الحار أم البارد؟ ولماذا تعتقدون ذلك ؟؟
د.علي عبد عاشور
ان بقايا الهياكل المتحجرة للداينوصورات قد تم الحصول عليها من صخور الحقبة المتوسطة Mesozoic المنتشرة على نطاق عالمي، والتي تمثل تقريبا فترة 145 مليون سنة من الزمن الجيويولوجي
طبقا لتركيب الهيكل العظمي، فان الداينصورات تعتبر زواحف بدائية، وتكون مجموعة الزواحف التي سادت في الحقبة المتوسطة، مع نسائبها القريبة جدا من الناحية التطورية والتي تشمل الزواحف المجنحة المنقرضة (Pterosauria) والزواحف البدائية السلفية (Thecodontia) والتماسيح (Crocodiles) (شكل -1).
ان الثيكودونت تعتبر العرق او السلالة الاساسية المنقرضة التي عاشت في العصر الترياسي ومنها تطورت كل الزواحف الاخرى والطيور.
تشمل الداينصورات مجموعتين كبيرتين تتميزان بفترة طويلة من التاريخ التطوري المنفصل، وهما:
1. الداينصورات عظائية الحوض Saurischia وتشمل الافراد ذات الحوض الشبيه بحوض الزواحف. 2. الداينوصورات طيرية الحوض Ornithischia وتشمل الافراد ذات الحوض الشبيه بحوض الطيور،
والان، نعود الى السؤال: هل كانت بعض الداينصورات ام جميعها ذات دم حار مثل اللبائن والطيور، ام ذات دم بارد مثل الافاعي والزواحف الاخرى؟
كما ذكرنا، وطبقاً للاعتقاد التقليدي السائد، فان الداينصورات ونسائبها موصوفة كزواحف من صفاتها: تكون بطيئة، ذات معدل ايضي منخفض، وذات ادمغة صغيرة جدا وتعتمد درجة حرارة الجسم على الحرارة الخارجية اي تكتسب من البيئة (Ecotothermic) حيث تتم عملية تدفئة وتبريد الجسم بواسطة وسائل سلوكية كالتعرض الى الشمس او التراجع الى الظل، وبذلك يصبح من الممكن ان تحتفظ بدرجة حرارة عالية، وبصورة مختلفة عن البرمائيات التي ليست لها اية وسيلة لحفظ درجة حرارة اجسامها، بينما نلاحظ ان الحيوانات ذات الدم الحار والمنتجة للحرارة داخل اجسامها (Ecotothermic) مثل الطيور واللبائن، تنتج الحرارة فسيولوجيا من خلال المستوى العالي للفعالية الايضية وحرق الغذاء، كما ان سطح الجسم مغطى بوسيلة عازلة مثل الشعر او الريش تقلل من تسرب الحرارة.
ولقد قُدمت ثلاثة ادلة في دعم موضوع الانتاج الداخلي للحرارة في الداينصورات هي:
1. موضع وتركيب وحجم الاطراف في الداينصورات يختلف عما موجود في الزواحف لكنه مشابه لما موجود في الطيور واللبائن، حيث ان للزواحف، كما هو واضح وضعية انبطاح او تمدد على الارض وتمتد اطرافها من جانب الجسم، بينما في الداينصورات، كما في الطيور واللبائن، تكون الاطراف اسفل الجسم تقريبا بحيث تمنح الوضعية المنتصبة او العمودية لجسم الحيوان وتساعده على الحركة والتنقل،
2. ان نسبة المفترسات الى الفرائس، المستنتجة من دراسة بقايا الداينصورات، والتي هي مقاربة لنفس النسبة في اللبائن، توضح ان الداينصورات المفترسة لها مستلزمات طاقة مثل اللبائن المفترسة..
3. ان البنية النسيجية او التركيب الخلوي لعظام الداينصورات مشابهة للبنية النسيجية لعظام اللبائن، والتي تشير بصورة غير مباشرة الى مستويات متقاربة من الفعالية الايضية،
ان هذه الادلة الثلاثة عبارة عن افتراضات ولكنها تبدو مقنعة الى حد ما، مثلما هي الادلة المناقضة لها والتي تتضمن ما يلي:
1. ان الوضعية المنتصبة للحيوان لا ترتبط بالضرورة بمعدل ايضي عال وانتاج للحرارة داخل الجسم، ان الاختلاف في المعدل الايضي هو غير جدير بالاهتمام في لبائن كثيرة ذات وقفة منتصبة، سواء كانت واقفة او مستلقية على الارض.
2. من التحليلات والفحوصات الحديثة التي اجريت للبقايا المتحجرة لطبعات اقدام لما يسمى بالداينوسور المدوي (Bronotosaur)، فان العالم البريطاني الكسندر R.M.Alexander ، اثبت ان هذا النوع من الداينصورات كان يقطع ميلين الى ثلاثة خلال الساعة الواحدة وهذا يدل على بطء الحركة، ولكن هذا الدليل لا يستبعد امكانية الحركة بسرعة اكبر.
3. ان حجم الدماغ في معظم الداينصورات كان صغيرا جدا نسبة الى حجم الجسم (شكل-3) وبصورة مختلفة عما موجود في الحيوانات ذات الدم الحار مثل اللبائن والطيور.
ان الدراسات الحديثة تؤكد ان حجم الدماغ النسبي هو دليل جيد على درجة النشاط او الفعالية وبالتالي دليل على المعدل الايضي والانتاج الداخلي لحرارة الجسم. ان حجم دماغ الداينصورات يدل، مع بعض الاستثناءات، على سلوك وفعالية ايضية نموذجية لحيوانات زاحفة اكثر منها لحيوانات لبونة.
1. ان حجم الجسم الكبير جدا لبعض الداينصورات، يدل على نسبة قليلة بين المساحة السطحية الى حجم جسم الحيوان، وهذه النسبة توضح الى حد كبير السرعة البطيئة جدا للتبادل الحراري مع البيئة، مما يمنح هذه الحيوانات الضخمة فرصة الاحتفاظ بدرجة حرارة جسم ثابتة نسبيا.
بعد استعراض هذه الفرضيات والاراء المتناقضة، لابد ان نذكر ايضا ان هناك ادلة اخرى تدعم فرضية الانتاج الداخلي للحرارة في الداينصورات لكنها تبدو اقل اقناعا.
من هذه الادلة، ان المجنح القديم Archaeopteryx وهو اقدم واول الطيور المعروفة في العصر الجزوراسي، له هيكل يشبه هيكل الداينوسور المسمى Coelurosaur، كما ان له غطاء عازلا من الريش. ويوضح دليل اخر ان بعض الزواحف الطائرة Pterosaurs وهي من نسائب الداينصورات، لها جلد ذو تراكيب شبيهة بالشعر.