زوجته بكماء صماء وعمياء وأنجبت له أحد علماء الأمة
يحكى أنه في القرن الأول الهجري كان هناك شاب تقي
يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيراً.. وفي يوم من الأيام خرج من بيته
من شدة الجوع، ولأنه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين
وكان مملوءا بأشجار التفاح، وكان أحد أغصان شجرة من أشجار البستان متدليا
في الطريق.. فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا أحد يراه،
ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة .. فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها
حتى ذهب جوعه.
فذهب ليعتذر من صاحب البستان فقال له صاحب البستان: والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله.
وذهب وتركه، والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته، وعند وقت الصلاة خرج
فقال الشاب لصاحب البستان: يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان
من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني..
عندها... أطرق صاحب البستان يفكر، ثم قال: يا بني إنني مستعد أن أسامحك الآن لكن بشرط.
فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشترط ما بدا لك يا عم.
فقال صاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي.
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط، ثم أكمل صاحب
البستان قوله.. ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء، وأيضاً
مقعدة لا تمشي، ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج أستأمنه عليها ويقبل بها
بجميع مواصفاتها التي ذكرتها، فإن وافقت عليها سامحتك.
صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية.
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له: يا عم لقد قبلت ابنتك وأسأل الله أن يجازيني على نيتي وأن يعوضني خيراً مما أصابني.
وواعده في يوم معين وأتى في الموعد فلما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله
البيت، وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له: يا بني! تفضل بالدخول على
زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير..
وأخذه بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته، فلما فتح الباب ورآها..
فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعر كالحرير على كتفيها، فقامت
ومشت إليه فإذا هي ممشوقة القوام، وسلمت عليه وقالت: السلام عليك يا زوجي.
أما صاحبنا فوقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت
إلى الأرض، وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم ما الذي حدث، ولماذا قال أبوها
ذلك الكلام؟
ففهمت ما يدور في باله فذهبت إليه وصافحته وقبلت يده، وقالت: إنني عمياء
من النظر إلى الحرام، وبكماء من الكلام الحرام، وصماء من الاستماع إلى
الحرام، ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام.. وإنني وحيدة أبي ومنذ عدة سنوات
وأبي يبحث لي عن زوج صالح.
فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي: إنَّ من يخاف من أكل
تفاحة لا تحل له، حري به أن يخاف الله في ابنتي.. فهنيئاً لي بك زوجاً،
وهنيئا لأبي بنسبك.
وبعد عام أنجبت هذه الفتاة من هذا الشاب غلاماً كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة.. أتدرون من ذلك الغلام؟.