العملاق المسالم *
جمع العملاق ذات يوم كل لوازم السفر واتجه إلى رفاقه الذين سيصحبونه في رحلته هذه... وكان قد ودع أهله من زوجة وأولاد وأقارب ... وكل يسأل له الله العافية والعودة الميمونة ... وكان أبناؤه أكثر إلحاحا على عودته سريعا محملا بمختلف الهدايا التي تروقهم وتبعث السعادة في نفوسهم والتقى رفاقه وأبحروا في سفينة مخصصة لمثل هذه الرحلات... وكان خروجهم باكرا حيث كانوا في غاية النشوة والفرح ... إذ كان اليوم ربيعيا والهواء عليلا منعشا والبحر هادئا... يخيل للناظر أنه ينتهي حيث تبدأ السماء كانوا يتأملون ذلك فيزدادون خشوعا لخالق هذه الأعاجيب الكونية التي لا تعد ولا تحصى كانوا ينتقلون من مكان لآخر وينزلون للاتجار والتفسح ومعرفة أحوال الناس ... وكان المقام يطول بهم أحيانا ... وذات يوم خرجوا في الصبيحة ولم يعلموا أن تلك البلاد كثيرة العواصف وبحارها متلاطمة الأمواج فركبوا البحر كعادتهم وما إن تواروا عن الأنظار حتى بدأت العواصف الهوجاء ,ترتفع كالجبال وعانوا معاناة شديدة ولم تصمد سفينتهم أمام هذه الأمواج العاتية فتحطمت ,إلهي أين المفر الماء من كل جانب ,فكيف السبيل للنجاة ؟؟تهالك كل رفاقه واستسلموا للأمواج وللحيتان الضخمة التي لانظير لها لا,وبقي العملاق يعاني ما يعاني... وامتطى خشبة كبيرة ,من حطام السفينة وركبها وراح يصارع الأمواج... وبات ليلته كذلك ... حتى ألقته إلى جزيرة غريبة عجيبة ثم خرج إلى الشاطئ فلم يرى أحدا من الناس ,الأشجار و الأشجار... ليس إلا ,من شدة تعبه راح في نوم عميق ... لا يدري كم استغرق فيه ولما نهض وجد مخلوقات حوله ,لم ير لها مثيلا ,إلهي أين أنا ...ومن هؤلاء ؟ تساءل ...ولما نظرهم جيدا,قال لعلهم الأقزام ؟ إنهم صغار القامة يظهر في وسطهم كأنه طود من الأطواد أي طويل للغاية ,جاؤوه وطلبوا امتثاله لحاكمهم فأخذوه إليه ولما أجلسوه كانوا أسفل السافلين ,فسأله الحاكم عن حاله ... و الأقدار التي أوصلته إلى بلادهم؟ ولما عرف حقيقته ,أقر له بالأمان والعيش معهم,حتى يجد السبيل للعودة إلى بلاده .واستقر له الحال وطاب له المقام...رغم صدمة الفراق وطول السفر وذات يوم وهو على الشاطئ يسترجع ذكرياته ,إذ به يرى سفينة قادمة إلى الجزيرة لغزوها فسارع وأخبر أهلها فاستعدوا للدفاع عن جزيرتهم وأبلى العملاق في ذلك بلاء حسنا ...وحقق بينهم وبين المغيرين الصلح والوئام ولما تحقق ذلك ,أعتبر من الأبطال ,وكرم وعزز أكثر حتى جاء اليوم الذي مرت فيه سفينة التي كانت تتجه إلى بلاده فركبها مودَعاً من طرف أهل الجزيرة والذين لم ينسوا فضله عليهم ,إذ خلصهم من حرب مدمرة ...وحقق بينهم وبين أعدائهم السلام ,ليعيش الجميع في أمن وطمأنينة إذ بدون الأمن لا لون ولا طعم للحياة .وعاد إلى أهله بعد سنوات من الغياب فاستقبلوه بحفاوة وقدم لهم الكثير من الهدايا وحكى لهم قصته مع الأقزام وقديما قالوا*الصابر هو الظافر*.
و في الأخير أقول أن الصبر صفة الله تعالى فهي صفة جد حميدة . اتمنى على كل من في المنتدى أن يتحلوا بها و شكرا على المتابعة ...
أخوكم sunshay98