عثمان بن
عفان رضي الله عنه
( 47 ق هـ ــ 35هـ
)
هو أبو عبد الله
عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى
أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين
وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام .
زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ،
وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة
وهاجر إلى المدينة . لم يشهد بدراً لأن زوجته كانت
فى مرض الوفاة فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم
بالإقامة عندها وضرب له بسهمه ، فصار كمن شهد بدراً
. وله من السيدة رقية ( عبد الله ) الذى عاش ست سنوات
ثم مات ، ثم زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها
بابنته الثانية أم كلثوم ، فلما توفيت قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : لو أن لنا ثالثة لزوجناك .
وله مناقب عظيمة ، منها أنه جهز نصف جيش العسرة
بماله فبذل ثلاثمائة بعير بأقتابها وأحلاسها وتبرع
بألف دينار ، ومنها أنه اشترى بئر رومة وأوقفه
للمسلمين . ويروى أنه استأذن على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو على بئر أريس فأذن له وبشره بالجنة مع
بلوى تصيبه . يقول عنه علي رضى الله عنه: ذاك امرؤ
يدعى فى الملأ الأعلى ذا النورين كان ختن ( صهر )
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه وضمن له
بيتاً فى الجنة .
وروي أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : لكل نبى رفيق ورفيقى ــ
يعنى فى الجنة ــ عثمان . وهو ممن نزل فيهم قوله
تعالى ( ونزعنا ما فى صدورهم من غل ) وروي أيضاً عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صعد أحداً ومعه
أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل فقال : أثبت أحد ،
فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان . بويع بالخلافة بعد
وفاة عمر بن الخطاب، افتتحت فى أيامه أرمينية
والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص .
وأتم جمع القرآن الكريم فنسخ المصحف الذى جمعه أبو
بكر الصديق وأحرق ما عداه . وهو أول من أمر بالأذان
الأول ، وقدم خطبة العيد على الصلاة واتخذ الشرطة
واتخذ داراً للقضاء ،وكان أبو بكر وعمر يقضيان فى
المسجد . حدثت فى الفترة الأخيرة من خلافته فتنة
فنقم الناس عليه لاختصاصه أقاربه من بنى أمية ببعض
الولايات ، وأجج هذه الفتنة رجل يهودى هو ( عبد الله
بن سبأ ) فجاءت الوفود من مصر والكوفة والبصرة
وحاصروا داره ومنعوا عنه الماء والخروج إلى الصلاة
حتى يتنازل عن الخلافة ، فرفض لأن الرسول الله صلى
الله عليه وسلم قال له : يا عثمان إنه لعل الله يقمصك
قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم . وبلغ
أصحاب الفتنة أن جيشاً من الشام قادم لنجدته
فاقتحموا عليه داره وهو يقرأ القرآن وقتلوه رضي
الله عنه ، وذلك فى شهر ذى الحجة سنة 35 هـ .
المدينة في
خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه
24 ــ 35 هـ
تولى عثمان بن
عفان رضي الله عنه الخلافة بعد استشهاد عمر بن
الخطاب رضي الله عنه في محرم سنة 24 للهجرة ، وكان فى
السبعين من عمره ، غنياً وديعاً ليناً . عاشت
المدينة ـ والبلاد الإسلامية الأخرى ـ ست سنوات من
خلافته فى سعة وطمأنينة ، وكتائب الجهاد تفتح
البلاد والخيرات تفد على المدينة والناس يشتغلون
بالعلم وبأمور حياتهم اليومية وتتسع المدينة فتصل
إلى جبل سلع والقبلتين وقباء ويبدأ البناء على وادى
العقيق ويتفقد عثمان أحوال السوق بنفسه . وفى عام 29
هـ جدد عمارة المسجد النبوى فبناه بالحجارة
المنقوشة ووسعه ، وفى عام 30 هـ كلف بعض الصحابة
بتدقيق المصحف وفق النسخة التى جمعت فى عهد أبى بكر
وكتبت نسخة موحدة مدققة وأرسلت نسخ منها للأمصار ،
ومضت السنوات الست فى حياة أهل المدينة هادئة وادعة
وعثمان يسع الناس بحلمه فى أمورهم الدنيوية ويقف
بالمرصاد لأى انتهاك للحرمات ويقيم الحدود وانتشر
الثراء بين عدد من أهل المدين